للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فمن ظن تلك الظنون السيئة فقد ظن بربه السوء، ونسبه إلى خلاف ما يليق بجلاله، وكماله، وصفاته، ونعوته؛ فإن حمده، وعزته، وحكمته، وإلهيته تأبى ذلك، وتأبى أن يُذِل حزبه وجنده، وأن تكون النصرةُ والغلبةُ لأعدائه.

فمن ظن ذلك فما عرفه، ولا عرف ربوبيته، وملكه، وعظمته؛ فلا يجوز في حقه - عز وجل - لا عقلاً ولا شرعاً أن يُظْهِر الباطل على الحق، بل إنه يقذف بالحق على الباطل فإذا هو زاهق (١) أما ما يشاهد من تسلط الكفار واستعلائهم - فإنما هو استعلاء استثنائي، وذلك استدراجاً وإملاءً من الله لهم، وعقوبة للأمة المسلمة على بعدها عن دينها.

ثم إن سنة الله ماضية فـ {مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ} [النساء:١٢٣] ، وهذه الأمة تذنب، فتعاقب بذنوبها عقوبات متنوعة منها ما مضى ذِكْرُه؛ كي تعود إلى رشدها، وتؤوب إلى ربها، فتأخذ حينئذ مكانها اللائق بها.

ثم إن هذه الأمة أمة مرحومة تعاقب في هذه الدنيا، حتى يخف العذاب عنها في الآخرة، أو يغفر لها بسبب ما أصابها من بلاء.


(١) انظر زاد المعاد لابن القيم ٣ / ٢١٨-٢٤١ ففيه كلام عظيم حول هذه المسألة، وحول الحكمة من إدالة الكفار على المسلمين.

<<  <   >  >>