للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فالإنكار فرض باليد واللسان والقلب مع القدرة، فأما فرضه باليد واللسان فهو من فروض الكفايات، إذا قام به طائفة سقط عن الباقين من الناس، وإن تركوه كلهم أثموا، وأما القلب فلا يسقط عن المنكر بحال، إذ لا ضرر في فعله، ومن لم يفعله فليس بمؤمن، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم «وَذَلِكَ أَدْنَى أَوْ أَضْعَفُ الْإِيمَانِ» (١) وقال: «وَلَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ حَبَّةُ خَرْدَلٍ» (٢) وقيل لابن مسعود من ميت الأحياء؟ فقال: الذي لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا. وهذا هو المفتون الموصوف في حديث حذيفة بن اليمان بأنه لا «يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا» . أخرجه مسلم جامع الأصول ج١٠ ص ١٢١.

قال ابن النحاس "وأما الإنكار بالقلب وهو كراهة تلك المعصية وبغضها، فلا يسقط عن مكلف بوجه من الوجوه، إذ لا عذر يمنعه" اهـ (٣) .

وقال أيضًا: من لم يقدر على الإنكار باللسان، وقدر على إظهار دلائل الإنكار، مثل تعبيس الوجه، والنظر شذرًا، والتجهم، وإظهار الكراهية لفعله والازدراء به، وهجره في الله تعالى لزمه ذلك، ولا يكفيه العدول إلى الإنكار بالقلب مع إمكان دلائل الإنكار الظاهرة اهـ (٤) .


(١) مسلم: الإيمان (٤٩) , والترمذي: الفتن (٢١٧٢) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٨) , وأبو داود: الصلاة (١١٤٠) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥) , وأحمد (٣ / ١٠) .
(٢) مسلم: الإيمان (٥٠) .
(٣) انظر مجموع الفتاوى جـ٢٨ ص ١٢٧، وانظر الدرر السنية في الأجوبة النجدية جـ٧ ص ٣١، انظر كتابه «تنبيه الغافلين» ص١٦.
(٤) انظر ص ٣٨، من كتابه السابق.

<<  <   >  >>