للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال ابن مفلح في الآداب الشرعية: فصل: النهي عن المنكر فرض كفاية على من لم يعين عليه، وهو فرض كفاية على من لم يعين عليه، وسواء في ذلك الإمام والحاكم، والعالم والجاهل، والعدل والفاسق -إلى أن قال- وأعلاه باليد ثم باللسان ثم بالقلب، وفي الحديث الصحيح: «لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الْإِيمَانِ مِثْقَالُ حَبَّةِ خَرْدَلٍ» (١) .

قال الشيخ تقي الدين -رحمه الله-: مراده أن من لم ينكر لم يكن معه من الإيمان حبة خردل، ولهذا قال: " لَيْسَ وَرَاءَ ذَلِكَ " (٢) فجعل المؤمنين ثلاث طبقات، فكل منهم فعل الإيمان الذي يجب عليه، قال: وعلم بذلك أن الناس يتفاضلون في الإيمان الواجب عليهم بحسب استطاعتهم، مع بلوغ الخطاب إليهم كلهم اهـ (٣) .

وقال ابن رجب على حديث أبي سعيد «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا» (٤) الحديث بعد أن ساق عدة أحايث قال: "فدلت هذه الأحاديث كلها على وجوب إنكار المنكر بحسب القدرة عليه، وأما إنكاره بالقلب فلا بد منه، فما لم ينكر قلب المؤمن دلّ على ذهاب الإيمان من قلبه". اهـ وقال بعد ذلك: "مبين بهذا أن الإنكار بالقلب فرض على كل مسلم في كل حال، وأما الإنكار باليد واللسان فبحسب القدرة" اهـ (٥) .


(١) مسلم: الإيمان (٥٠) .
(٢) مسلم: الإيمان (٥٠) .
(٣) انظر الآداب الشرعية لابن مفلح جـ١ ص٢٨١ - ٢٨٢.
(٤) مسلم: الإيمان (٤٩) , والترمذي: الفتن (٢١٧٢) , والنسائي: الإيمان وشرائعه (٥٠٠٨) , وأبو داود: الصلاة (١١٤٠) والملاحم (٤٣٤٠) , وابن ماجه: إقامة الصلاة والسنة فيها (١٢٧٥) , وأحمد (٣ / ١٠,٣ / ٢٠,٣ / ٤٩,٣ / ٥٢,٣ / ٥٤) .
(٥) انظر جامع العلوم والحكم في شرح خمسين حديثًا من جوامع الكلم ص ٢٨١.

<<  <   >  >>