للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أحمد: "لا يتعرض إلى السلطان فإن سيفه مسلول، فإن خاف السبّ أو سماع الكلام السيئ لم يسقط عنه الإنكار بذلك". نص عليه الإمام أحمد وإن احتمل الأذى وقوي عليه فهو أفضل، نصّ عليه أحمد أيضًا، ويدل على ذلك ما خرجه أبو داود وابن ماجه والترمذي من حديث أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أَفْضَلُ الْجِهَادِ كَلِمَةُ عَدْلٍ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ» (١) (٢) .

وأما حديث: «لَا يَنْبَغِي لِلْمُؤْمِنِ أن يُذِلَّ نَفْسَهُ» (٣) (٤) فإنما يدل على أنه إذا علم أنه لا يطيق الأذى ولا يصبر عليه، فإنه لا يتعرض حينئذٍ للأمراء، وهذا حق، وإنما الكلام فيمن علم من نفسه الصبر على ذلك (٥) .

قال القرطبي في تفسيره: "أجمع المسلمون فيما ذكر ابن عبد البر أن المنكر واجب على كل من قدر عليه" اهـ (٦) .

وقال القرطبي أيضًا: "قال ابن عطية والإجماع منعقد على أن النهي عن المنكر فرض لمن أطاقه، وأمن الضرر على نفسه وعلى المسلمين فإن خاف فينكر بقلبه، ويهجر ذا المنكر ولا يخالطه" اهـ (٧) .


(١) أبو داود: الملاحم (٤٣٤٤) .
(٢) الحديث رواه أبو داود وابن ماجه، كشف الخفاء للعجلوني جـ١ ص ١٧٣.
(٣) الترمذي: الفتن (٢٢٥٤) , وابن ماجه: الفتن (٤٠١٦) , وأحمد (٥ / ٤٠٥) .
(٤) الحديث رواه أحمد والترمذي وصححه عن جندب وابن ماجه عن حذيفة، كشف الخفاء جـ٢ ص٥٢٤.
(٥) انظر جامع العلوم والحكم لابن رجب ص ٢٨٢ - ٢٨٣.
(٦) انظر تفسير القرطبي جـ٤ ص ٤٨.
(٧) انظر تفسير القرطبي جـ٦ ص ٢٥٣.

<<  <   >  >>