فإن هؤلاء مع أهل الحديث وجمهور الفقهاء من المالكية والشافعية والحنبلية وعامة الصوفية وطوائف من أهل الكلام من متكلمي السنة وغير متكلمي السنة من المعتزلة والخوارج وغيرهم، متفقون على أن من لم يؤمن بعد قيام الحجة عليه بالرسالة فهو كافر، سواء كان مكذبا أو مرتاباً أو معرضاً أو مستكبراً أو متردداً أو غير ذلك)) اهـ.
فبيَّن الشيخ أن الكفر يكون بالاعتقاد أو بعدمه، فلم ينحصر بالتكذيب، بل وأيضاً هو في الارتياب أو الإعراض أو الاستكبار أو التردد.
٣-ويقول تلميذه ابن القيم في كتاب الصلاة (٥٣) : (( ... فالكفر والإيمان متقابلان إذا زال أحدهما خلفه الآخر)) اهـ.
٤-ويقول شيخ الإسلام رحمه الله في ((درء التعارض)) في معرض رده على المتكلمين في أصول التكفير عندهم (١/٢٤٢) :
(( ... فإنه ليس في الشرع أن من خالف مالا يعلم إلا بالعقل يكفر، وإنما الكفر يكون بتكذيب الرسول صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به، أو الامتناع عن متابعته مع العلم بصدقه، مثل كفر فرعون واليهود ونحوهم..)) اهـ.
فهنا الكفر يكون بالتكذيب تارة ويكون بغيره تارات، وليس الكفر محصوراً ومقيداً بالتكذيب، فإن الامتناع عن متابعة الرسول يكون كفراً حتى لو لم يصاحبه تكذيب، فإن فرعون يعلم صدق موسى في رسالته كما ذكر الله عز وجل عنهم بقوله عنهم في سورة النمل:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ} .
وفي سورة الإسراء يقول الله عز وجل عن موسى لفرعون:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَآ أَنزَلَ هَؤُلآءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَآئِرَ وَإِنِّى لأَظُنُّكَ يَا فِرْعَوْنُ مَثْبُورًا} .