والمقصود أن المبتدعة على تنوع مشاربهم وتباين أصولهم ومناهجهم يروج عندهم تكفير مخالفيهم عند أدنى مخالفة.
في حين يتحرج أهل السنة والجماعة من تكفير المخالف حرجا شديداً، لأن التكفير حكم شرعي، وهو حق لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، وهو خطيرٌ في الآثم ديناً وعاقبة، ولذا فهم لا يؤاخذون بلوازم الأقوال في التكفير حتى يكون الكفر صريحاً لا لبس فيه، كما لا يعولون في التكفير على الظنون والأوهام والأهواء، وإنما المُعوَّل عليه عندهم الأمر البواح الذي لهم فيه من الله سلطان وحجة ظاهرة وبرهان.
٧-أن أهل السنة الجماعة يفرقون بين الكفر المطلق والكفر المُعيَّن بالكفر الأكبر مطلقاً على غير معنيين، ولهم شروط وضوابط وتورَّع وديانة في إيقاعه على المعينين، فإنهم يرون كفر المعين يقع عليه بنفسه، وأهم هذه الشروط في إيقاع الكفر الأكبر عليه بلوغ الحجة عليه، واندفاع الشبهة عنه، وممن اعتنى بهذه المسألة تفصيلاً أئمة الدعوة النجدية من الشيخ محمد بن عبد الوهاب، فأبناؤه وتلاميذهم، فإنهم أجلوها وحقَّقُوها تحقيقاً لا تكاد تجده عند غيرهم، ويضيق المقام- في الواقع –عن تتبع كلامهم وجمعه هنا فالحمد لله.
وههنا أمر مهم لابد من التفطن له وهو أن ثمة فرقاً بين مراحل ثلاث في الكفر المخرج عن الملة والموجب للردة، وهي:
١-تعيين أن هذا الجرم من الكفر الأكبر، بالدلائل الشرعية.
٢-ثم مرحلة تكفير المعيَّن المواقع لهذا الجرم؛ باجتماع الشروط فيه وانتفاء الموانع عنه، وهو مناط بالقضاة الشرعيين أصالة.
٣-ثم مرحلة ثالثة بعدم القطع له بعد الموت بالخلود في النار، مع إجراء أحكام الكفر عليه في أحكام الدنيا، والله أعلم.