للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال أبو عبيدة عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: (ما زال النبي صلى الله عليه وسلم مستخفيًا حتى نزلت {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ} فخرج هو وأصحابه) (١) .

وهذه رعاية إلهية ظاهرٌ دورها في خدمة الدعوة ورجالاتها بالاستسرار حتى يبلغوا من الحال والعدد ما يطيقون بعده الجهد وتحمل تبعاته.

وأحيانًا تأتي التوجيهات الربانية للدعوة بالإحجام في ساعة يرى الكل أنها ساعة الإقدام، وأحيانًا يأتي الأمر بالإقدام في ساعة العسرة، وتطلع النفوس إلى الراحة أو إلى خيار آخر مثل ما وقع في غزوة بدر، وكان الخيار الذي اختاره الله لهم غير ما تطلعت إليه النفوس، ووصف ذلك ربنا في كتابه، فقال - سبحانه -: {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ تَكُونُ لَكُمْ وَيُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُحِقَّ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَيَقْطَعَ دَابِرَ الْكَافِرِينَ} (٢) .

وكذلك كان الأمر من الله في غزوة تبوك، في ساعة العسرة، وشدة القيظ، وبعد الشقة، وطيب المقام في المدينة، إذ طابت ثمارها، ومالت ظلالها، فكان الأمر من الله بالغزو، حتى كادت بعض القلوب تزيغ.


(١) تفسير ابن كثير (٢ / ٥٧٩) .
(٢) الأنفال: ٧.

<<  <   >  >>