ولا أدل على ذلك من الأمر بالإحجام في ساعة كان الكل يراها ساعة الإقدام، ولا يخطر بالبال التردد في ذلك: الأمر بالإحجام بالصلح في صلح الحديبية ولم يبق عن مكة إلا مرحلة واحدة، والكل متوجه ليعتمر، في زي الإحرام، قد ساقوا الهدي وقلدوها، وتطلعت النفوس إلى دخول مكة، وبايعوا على الموت أكثر من ألف رجل، عندها يأتي أمر الله بالصلح والرجوع دون عمرة، وفيهم أفضل الخلق - صلى الله عليه وسلم -، ويسمي الله ذلك فتحًا، ويرتب عليه - سبحانه وتعالى - هداية وتمام نعمه ونصرًا عزيزًا.
نعم هذا هو الحال الأنسب والوضع الملائم الذي لم يخرج عن مرضاة الله، وإن كان قد أرجع المؤمنين من رتبة عليا من الأعمال الصالحات - من عمرة ورغبة في القتال - إلى ما هو دونها وهو الرجوع وقبول الصلح مما هو كذلك من رضا الله - سبحانه -.