للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

أما الحال في حنين، فيصوره القرآن كذلك ويذكر حال الجماعة المؤمنة، فلا يذكر عنهم أنهم تضرعوا ولا دعوا، فقلت لديهم الضراعة، بل اضمحلت فيهم اضمحلالًا ظاهرًا، بل بالعكس وقع في النفوس العجب بكثرة العدد والركون إليها والتعويل عليها، وهنا يأتي سياق القرآن بذكر ما استكن في قلوب المؤمنين وهم يسيرون إلى عدوهم فلا يذكر إقبالًا على دعاء الله منها، ولا طلب نصر منه، ولا استغاثة بربهم كما كان الحال في بدر، بل يذكر ما استكن فيها من العجب بالكثرة والالتفات إليها أكثر من الالتفات إلى دعاء واهب النصر، حتى كانت الكلمة الرائجة في الجيش (لن نغلب اليوم عن قلة) فكانت الهزيمة الفاضحة في أول الأمر حتى أثبتت للمؤمنين أن الاعتماد يجب أن لا ينصرف إلى كثرة عدد ولا قوة مدد، ولا وفرة العتاد والآلة؛ وإنما الاعتماد إلى واهب النصر وحده، الذي نصرهم وهم أذلة في بدر حين قصدوه، ووجهوا القلوب متضرعة إليه.

<<  <   >  >>