للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لقد كان بين طالوت ومن معه طائفة اتصفت باليقين وهو درجة كمال الإيمان، كما جاء في الحديث بل غاية اليقين، فيقينهم منصرف هنا إلى لقاء الله وهذا غاية اليقين وأسنى مراتبه، وهنا قامت تلك الطائفة الموقنة بإقناع طالوت وبقية المؤمنين، ورجعوا وقاسوا لهم مقاييس الحروب بالإيمان، وأن القليل يغلب الكثير إذا أذن الله، فلنطلب النصر منه - سبحانه - ونتضرع إليه، ونطلب أسباب معيته، وهي الصبر والرغبة إليه فلن نغلب، وهنا اقتنع بقية المؤمنين القلة الذين كانوا فوق الثلاثمائة بيسير (١) ، وقابلوا الألوف المؤلفة وهم يتضرعون إلى الله {فَهَزَمُوهُمْ بِإِذْنِ اللَّهِ} إن قوله - تعالى - هنا {بِإِذْنِ اللَّهِ} ليدل على أن الهزيمة ما كانت لتكون أبدًا لولا إذنه - سبحانه - فهو الذي نصر المؤمنين، ولولا نصره لهم، لذهبوا شربة ماء لجالوت وجنوده، وما كان ذلك النصر ليكون ويأذن به الله لولا تلك الطائفة الموقنة الذين أرجعوا طالوت والمؤمنين إلى اليقين وطلب النصر من الله، والثقة بنصر الله والصبر حتى نصرهم الله وهزم عدوهم.


(١) كان عددهم ثلاثمائة وبضعة عشر، كعدة الصحابة في بدر. راجع صحيح البخاري في كتاب المغازي، في عدة أصحاب بدر.

<<  <   >  >>