كما أنَّني هنا لم أقْصِدْ الكلامَ عن "الأمرِ بالمعروف والنهي عن المُنكر" بكُلِّ ما له من مسائلَ ودلائلَ ... إلى غيرِ ذلك من مباحثِه العِظام؛ كلاَّ لم أقْصِدْ شيئاً من ذلك؛ وما هذا إلاَّ أنَّ (المسألةَ) قد بُحثتْ عند كثيرٍ من أهلِ العلمِ - السَّلفِ منهم والخلفِ - في مُصنَّفاتٍ مُستقِلَّةٍ، وكلٌّ منهم بحسبِه، إلاَّ أنَّها في مَجْمُوعِها قد أخذتْ بمجامعِ مسألتِنا جملةً وتفصيلاً، والحمدُ لله ربِّ العالمين. لأجلِ هذا؛ كان من الحكمةِ أن اختصرَ الطريقَ، وأقفَ على مواقعَ الدَّاء التي أحسبُها من جادَّةِ بحثنا، مع بيانِ ما شابها من الْتِبَاسٍ وشُبهٍ عند بعضِ طلبةِ العلمِ من أهلِ زماننا، ناهيك عمَّن سواهم.
أقولُ: لقد جَاءتِ النُّصوصُ الشَّرعيةُ من الكتابِ، والسنةِ، والإجماعِ، وأقوالِ السَّلفِ بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المُنكر، وهي كثيرةٌ جداً لا يحيطُ بها مثلُ هذا المقامِ؛ لذا سنقتصر هنا على ما فيه مَقْنَعٌ وغُنْيةٌ.