للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الثاني: أن لا يُؤدِّي تغييرُ المُنْكَرِ إلى منكرٍ أكبر منه.

يقول ابن تيمية - رحمه الله -: " فإنَّ الأمرَ والنَّهيَ وإن كان مُتضمِّناً لتحصيلِ مصلحةٍ ودفعِ مَفْسدةٍ، فيُنظرُ في المُعَارضِ له، فإن كان الذي يَفُوتُ من المصالحِ أو يحصلُ من المَفاسدِ أكثر، لم يكن مأموراً به؛ بل يكون مُحرَّماً إذا كانت مفْسَدتُه أكثرُ من مصلحتِه". (١) ويقولُ ابنُ القيم - رحمه الله -: " إنكارُ المُنكرِ أربعُ درجاتٍ:

الأولى: أن يزُولَ ويخْلُفه ضِدُّه. الثانية: أن يَقِلَّ وإن لم يزَلْ بِجُملتِه. الثالثة: أن يخلُفَه ما هو مثلُه. الرابعة: أن يخلُفَه ما هو شرٌّ منه، فالدَّرجتان الأوليان مشروعتان، والثالثةُ موضعُ اجتهادٍ، والرَّابعةُ مُحرَّمةٌ". (٢)

وقِصَّةُ شيخِ الإسلامِ ابن تيمية - رحمه الله - مع التَّتارِ مشهورةٌ؛ إذ يقولُ فيها: " مررتُ أنا وبعضُ أصحابي في زمنِ التتارِ بقومٍ منهم يشربون الخمرَ، فأنكرَ عليهم من كان معي، فأنكرتُ عليه، وقلتُ له: إنَّما حرَّمَ الله الخمرَ لأنَّها تصدُّ عن ذكرِ الله والصَّلاةِ، وهؤلاء يصدُّهم الخمرُ عن قتلِ النَّفُوسِ، وسَبْيِ الذُّرِّيَّةِ، وأخذِ الأموالِ فدعهم". (٣)


(١) انظر «مجموع الفتاوى» لابن تيمية (٢٨ / ١٢٩) .
(٢) ـ انظر «إعلام الموقعين» لابن القيم (٣ / ٧) .
(٣) ـ انظر السابق (٣ / ٧-٨) .

<<  <   >  >>