للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وهذه بعضُ أقوالِ أهلِ العلمِ في شرحِ هذا الحديثِ، يقولُ أبو الفضل عياض - رحمه الله -: " هذا الحديث أصلٌ في صفةِ التَّغيير فحقُّ المُغيِّر أن يُغيِّرَه بكلِّ وجهٍ أمكن زوالُه به، قولاً كان أو فعلاً، فيكسر آلات الباطل، أو يُريق المُسكر بنفسه، أو يأمرُ من يفعله، وينزعَ المغصُوب ويردها إلى أصحابها بنفسه أو بأمرِه إذا أمكنه". (١)

أمَّا ما أُثِرَ عن بعضِ السَّلفِ - رضي الله عنهم -فقد رُوِيَ عن أبي بكر - رضي الله عنه - قوله: " يا أيها الناس ائْتَمِرُوا بالمعروفِ وانْهَوْا عن المنكرِ، تَعيشُوا بخيرٍ". (٢) وقال علي - رضي الله عنه -: " من أمر بالمعروفِ شَدَّ ظَهْرَ المؤمنين، ومن نَهَى عن المنكرِ رَغَّمَ أنْفَ المنافقين" (٣) . وقال حذيفة بن اليمان - رضي الله عنه - حين سُئلَ عن ميتِ الأحياءِ؟ فقال: " الذي لا يُنْكرُ المُنْكرَ بيدِه ولا بلسانِه ولا بقلبِه". (٤)

كما دلَّ على وُجُوبِ الأمرِ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ إجماعُ الأمَّةِ، كما نقل ذلك الإمامُ النَّوويُّ، وابنُ عبد البرِّ، والقرطبي وغيرهم (٥) كما سيأتي بيانه إن شاء الله.


(١) ـ انظر «شرح مسلم» للنووي (٢ / ٢٥) .
(٢) ـ انظر «تفسير الرازي» (٨ / ١٧٩) .
(٣) ـ انظر «نصاب الاحتساب» لعمر السنامي (٩٧) .
(٤) ـ انظر «إحياء علوم الدين» للغزالي (٢ / ٣١١) .
(٥) ـ انظر «شرح مسلم» للنووي (١ / ٢٢) ، و «الكنز الأكبر» لعبد الرحمن الحنبلي ص (١١٣) ، و «الجامع لأحكام القرآن» للقرطبي (٤ / ٤٨) .

<<  <   >  >>