قلتُ: ليس الأمرُ كما ذُكِر؛ بل ليس من شرطِ تغيير المُنكرِ وجودُ القوَّةِ!، كما أنَّه ليس من شرطِ المُغَيِّرِ أن يعلمَ أنَّ في قُدرتِه أنْ يُغَيِّرَ المُنكرَ!، لذا كانت القُدرةُ في جادَّةِ أهلِ العلمِ المحقِّقين شرطاً في الوجوب، لا شرطاً في الصِّحَّةِ.
والدَّليلُ على أنَّ القدرةَ شَرطٌ في وجوبِ تغييرِ المنكرِ، قولُه صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد الخدري ـ رضي الله عنه ـ:" ... «فإن لم يستطع فبلسانِه، فإن لم يستطع فبقلبِه» ... "، فقوله: فإن لم يستطعْ " دليلٌ على أنَّ مَنَاطَ الوُجُوبِ القُدْرةُ، فمنْ فَقَدَ القُدرةَ سَقَطَ عنه الوُجوبُ.
وأمَّا الأدلَّةُ على أنَّ القُدرةَ ليست شرطاً في صِحَّةِ التَّغييرِ فكثيرةٌ منها:
١ـ قولُه صلى الله عليه وسلم:«سَيِّدُ الشُّهداءِ حمزةُ بنُ عبدِ المطلب، ورجلٌ قامَ إلى إمامٍ جائرٍ فأمرَه ونهاهُ فقتلَه»(١) الحاكم. فلا شك أنَّ هذا الرَّجلَ لم تَبْلُغْ قدرتُه أن يُغَيِّرَ مُنْكرَ ذلك الحاكمِ الجائرِ، ومع ذلك أنكرَ عليه، فكان من نتيجةِ ذلك أنْ قُتِلَ في سبيلِ الله، فعدَّهُ النبيُّ صلى الله عليه وسلم سيدَ الشُّهداءِ مع حمزةَ رضي الله عنه.
(١) ـ أخرجه الحاكم (٣ / ١٩٥) ، والطبراني في «المعجم الكبير» (١ / ٣٠٠) ، وقال عنه الحاكم: صحيح الإسناد، وصححه الألباني في «صحيح الترغيب» (٢ / ٥٧٤) .