وما هذه الشُّبُهاتُ والأدواءُ التي أحاطتْ بنا إحَاطَةَ السِّوارِ بالمَعْصمِ، وهذه الشَّهَواتُ والأهواءُ التي أظلمتْ علينا كقِطَعِ اللَّيلِ المُظْلِم؛ إلاَّ أنَّ "الأمرَ بالمعروفِ والنَّهي عن المُنكرِ" ضَعُفَ جانِبُه، وكَثُرَ في النَّاسِ مُجَانِبُه، حتى وَصَلَ الحالُ عند بعضِ من يُظنُّ بهم أنَّهم حُماةُ الإسلامِ، وأربابُ الدَّعوةِ أن تَرَاجَعُوا القَهْقَري عن مَيَادينِ الدَّعوةِ؛ ممَّا جعلَ العُصاةَ يَمْرحُون في ميادينِ شَهَواتِهم، ويَفْتَخِرُون بعصيانِهم دون حسيبٍ أو رقيبٍ ... حتى أصبحَ "الإنكارُ" نسياً منسياً؛ إلاَّ بقِيَّةُ أثارةٍ من عِلمٍ، يَلُوكُونَ بها الألْسُنَ، ويُعطِّرُون بها المَجالِسَ، ولرُبَّما يَتَنَاظَرُون ويُصَنِّفون من أجْلِ تَشْقيقَاتٍ فَرْعيَّةٍ حَوْلَها، في حِينَ أنَّ أرضَ الواقِعِ خُلْوٌ منهم؛ نعم بَدَأ الإسْلامُ غَرِيباً وسَيَعُودُ غريباً!.