للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الوجه الرابع: قوله صلى الله عليه وسلم: (فإن لم يستطعْ) فلو كان التَّغييرُ باليَدِّ قاصراً على الحاكمِ لما كان لقوله (فإن لم يستطع) معنىً؛ لأنَّ الأصلَ في الحاكمِ أنَّه مُسْتطيعُ التَّغييرِ باليدِّ على كلِّ حالٍ.

وقد مرَّ معنا كلامُ بعضِ أهلِ العلمِ في ما نحنُ بتحريرِه، لا سيما أبو الفضل عياض حيث قال بعد حديث تغيير المنكر " هذا الحديث أصلٌ في صفةِ التَّغيير فحقُّ المُغيِّر أن يُغيِّرَه بكلِّ وجهٍ أمكن زوالُه به، قولاً كان أو فعلاً ... ". (١) وهو أيضاً قولُ ابنِ رجبٍ، وغيره من أهلِ العلم. (٢)

وكذا عن عبدِ الله بنِ مسعودٍ - رضي الله عنه - أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما مِنْ نبي بعثَه الله في أمَّةٍ قبلي إلاّ كان له من أُمَّتِه حَوَارِيُّون، وأصحابٌ يأخذون بسنَّتِه، ويقتدون بأمرِه، ثم إنَّها تَخْلُفُ من بعدِهم خُلُوفٌ، يقولون ما لا يفعلون، ويفعلون ما لا يؤمرون، فمن جاهدهم بيدِه فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بلسانِه فهو مؤمنٌ، ومن جاهدهم بقلبِه فهو مؤمنٌ، وليس وراء ذلك من الإيمان حبةُ خردلٍ» . (٣)


(١) ـ انظر «شرح مسلم» للنووي (٢ / ٢٥) .
(٢) ـ انظر «جامع العلوم والحكم» لابن رجب (٢ / ٢٤٦) .
(٣) ـ أخرجه مسلم (١ / ٧٠) .

<<  <   >  >>