للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أقوال الظاهرية: قال الإمامُ ابن حزمٍ - رحمه الله -: " مسألةٌ: والأمرُ بالمعروفِ والنهي عن المنكرِ فرضٌ على كلِّ مسلمٍ إن قَدِرَ بيدِه فبيدِه، وإن لم يقدْر بيدِه فبلسانِه، وإن لم يقدرْ بلسانِه فبقلبِه ولا بُدَّ، وذلك أضعفُ الإيمان، فإن لم يفعلْ فلا إيمان له، ومن خافَ القتلَ أو الضَّربَ، أو ذَهابَ المال فهو عُذْرٌ يُبِيحُ له أن يُغيرَ بقلبِه فقط، ويسكت عن الأمرِ بالمعروف وعن النهي عن المنكر فقط ... ". (١) وقال الإمامُ الشوكاني - رحمه الله -: " ... ثم إذا كان قادراً على تغييرِه (أي المنكر) بيدِه كان ذلك فرضاً عليه ولو بالمقاتلةِ، وهو إن قُتِلَ فهو شهيدٌ، وإن قتَلَ فاعلَ المنكرِ فهو بالحقِّ والشرعِ قتَلَه، ولكنه يُقَدِّمُ الموعظةَ بالقولِ اللَّيِّنِ، فإن لم يُؤَثِّرْ ذلك جاء بالقولِ الخَشِنِ، فإن لم يُؤثِّرْ ذلك انتقلَ إلى التغييرِ باليدِّ، ثم المقاتلةِ إن لم يمكن التغيير إلا بها، فإذا كان غيرَ قادرٍ على الإنكارِ باليدِّ أنكرَ باللِّسانِ فقط وذلك فرضٌ، فإن لم يستطعْ الإنكارَ باللِّسانِ أنكرَ بالقلبِ، وهذا يقدرُ عليه كُلُّ أحدٍ، وهو أضعفُ الإيمانِ، كما أخبر الصادقُ المصدوقُ صلى الله عليه


(١) ـ انظر «المحلى» لابن حزم (٩ / ٣٦١) .

<<  <   >  >>