للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

نعم؛ قد ذكرَ العلماء أنَّه إن أدَّى تغييرُك للمُنْكرِ إلى الإضرارِ بغيرِك من المسلمين، فإنَّه يَحْرُمُ عليك التَّغييرُ حينئذٍ، يقول الغزالي - رحمه الله - مُبيناً ذلك: " فإن كان يَتَعدَّى الأذى من حُسْبَتِه إلى أقاربِه وجيرانِه فليتركها، فإنَّ إيذاءَ المسلمين محذورٌ، كما أنَّ السُّكُوتَ على المُنكرِ محذورٌ، نعم إنْ كان لا ينالُهم أذى في مالٍ أو نفسٍ، ولكن ينالهم الأذَى بالشَّتْمِ والسَّبِّ، فهذا فيه نظرٌ، ويختلفُ الأمرُ فيه بدرجاتِ المُنْكَرِ في تفاحُشِها، ودرجاتِ الكلامِ المحذورِ في نكايتِه في القلبِ وقَدْحِه في العِرْضِ". (١) وكذا قول السيوطي - رحمه الله -: " ومنها الأمرُ بالمعروفِ والنَّهي عن المُنكرِ، ولا يختصُّ بأربابِ الولاياتِ، ولا بالعَدْلِ، ولا بالحُرِّ، ولا بالبالغِ، ولا يسقطُ بِظَنِّ أنَّه لا يُفِيدُ أو علم ذلك عادةً، ما لم يَخَفْ على نفسِه، أو مالِه، أو على غيرِه مفسدةً أعظم من ضررِ المُنْكرِ الواقعِ". (٢) فقد اشترط - رحمه الله - لسقوطِ التَّغييرِ: أن يكون الضَّررُ المُتَوقَّعُ وُقُوعه على نفسِه، أو مالِه، أو غيرِه أعظم من ضررِ المُنْكرِ المُرَادِ تغييره ... فتأمل.


(١) انظر «إحياء علوم الدين» للغزالي (٢ / ٣٢٣) .
(٢) ـ انظر «الأشباه والنظائر» للسيوطي (٤١٤) .

<<  <   >  >>