قلتُ: إنَّ الاستدلالَ بهذه الآية على هذا المسلكِ، يُعتبرُ مسلكاً خطيراً، وفَهْماً سقيماً، يوم تنكَّبَ كثيرٌ من الناسِ التَّأويلَ الصحيح لهذه الآية عند السَّلفِ الصالحِ، أمَّا إن سألتَ عن معناها الصحيح فقد كفانا فيها الصحابيُّ أبو أيوبَ الأنصاري - رضي الله عنه -: فعن أسلم أبي عمران التَّجيبي قال: «كنَّا بمدينةِ الرُّومِ فَحَمَلَ رَجُلٌ مِنَ المسلمين على صَفِّ الرُّومِ حتى دَخَلَ فيهم، فَصَاحَ النَّاسُ، وقالوا: سبحان الله يُلْقي بيدِه إلى التَّهلُكةِ!، فقامَ أبو أيُّوبَ فقال: يا أيها النَّاسَ إنَّكم تَتَأوَّلون هذه الآية هذا التَّأويل، وإنَّما أُنْزِلت هذه الآية فِينا مَعْشَرَ الأنصارِ، لَمَّا أعَزَّ الله الإسلامَ، وكَثُرَ ناصِرُوه، فقال بعضُنا لبعضٍ سِرا دون رسولِ الله صلى الله عليه وسلم: إنَّ أموالَنا قد ضاعت، وإنَّ الله قد أعزَّ الإسلامَ وكَثُرَ ناصِرُوه، فلو أقَمْنا في أموالِنا فأصلحنا ما ضَاعَ منها، فأنزلَ الله على نَبِيِّه صلى الله عليه وسلم، يَرُدُّ علينا ما قلنا:{وَأَنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ} فكانت التَّهلكةُ