وما ذكره شيخنا العثيمين هنا قائمٌ في حقِّ المجاهرِ بالكبائرِ؛ لما فيه من درءِ المفسدةِ التي تحصلُ باتِّبَاعِ هذا العاصي الذي خلعَ ثوبَ الحياء، وانبعثَ في فُجُورِه وسُفُورِه دون مُبَالاةٍ لعموم المسلمين، أو ارتداعٍ من ولي أمرِ المؤمنين! .
تنبيهٌ: وبعد ما قرَّرناه هنا: مِنْ أنَّ الأصلَ في المسلمين سترُ عيُوبِهم، وإخفاءُ معاصيهم، إلاَّ ما كان مُجاهراً منهم بذنبِه، فهؤلاءِ لا يُسترُ لهم ذنباً، ولا يُشفعُ لهم؛ لأنَّهم مُفْسدون مُتطاولون على أحكامِ الشَّرعِ، فكان في كشفِهم عُقُوبةً لهم وزجراً لغيرهم.
وبعد أن تقرَّرَ لنا هذا الأصلُ؛ نَجدُ بعضاً من المُنتسبين إلى قبيلِ العلمِ مَنْ يعترضُ بقولِه: إنَّنا إذا سلَّمنا بعُمُومِ هذا (الأصلِ) في المُجَاهرين بالكبائرِ ونحوها؛ إلاَّ أنَّه مُقيَّدٌ بِذِي الهيئاتِ من المسلمين، لقوله صلى الله عليه وسلم:«أَقِيلُوا ذَوِي الهيئاتِ عَثَراتِهم»(١) أحمد، وأبو داود، فظاهرُ الحديثِ: عدمُ كشفِ ذُنُوبِ أهلِ الشَّرفِ والجَاهِ بين الناس، وسِتْرُهم عند اقترافِهم المعاصي.
(١) ـ أخرجه أحمد (٦ / ١٨١) ، وأبو داود (٤٣٧٥) ، وهو صحيحٌ، كما حسَّنه ابنُ حجرٍ في «الفتح» (١٢ / ٨٨) ، وكذا صحَّحه الألباني في «السلسلة الصحيحة» (٦٣٨) .