للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

والظاهرُ أنَّهم ذوو الأقدارِ بين النَّاسِ من الجاهِ، والشَّرفِ، والسُّؤدد، فإنَّ الله تعالى خصَّهُم بنوعِ تكريمٍ وتفضيلٍ على بني جنسِهم، فمن كان منهم مستوراً مشهوراً بالخيرِ، حتى كَبَا به جوادُه، ونبا عَضَبُ صبْرِه، وأُديلَ عليه شيطانُه، فلا تُسارع إلى تأنيبِه وعقُوبتِه؛ بل تُقالُ عَثْرتُه، ما لم يكن حداً من حدودِ الله، فإنَّه ينبغي استيفاؤه من الشَّريف ... الخ". (١)

وكذا قال ابنُ الأثيرِ - رحمه الله -: " ذوو الهيئات: هم الذين لا يُعرفون بالشَّرِ، فيزلُّ أحدُهم الزَّلَّة". (٢)

وبعد هذا؛ كان من الحكمةِ والبيانِ أن نستُرَ ذَوِي الهيئاتِ من أهلِ الشِّرفِ والفضلِ ممَّن اشْتُهِرَ خيرُهم، وخُفيَ شرُّهم، وألا نكشِفَ سترهم، ونَعجَلَ في عُقُوبتِهم لعمومِ المصلحةِ العائدةِ لهم وللمسلمين، وهذا بعد تَحقُّقِ أربعةِ شروطٍ:

الأوَّلُ: أن يكونوا من ذوي الهيئات.

الثاني: أن يُشْتهرَ بين النَّاسِ خيرُهم وصلاحُهم.

الثَّالثُ: ألاَّ يكونوا من المُجاهرين بمعاصيهم.

الرَّابعُ: ألاَّ يكونَ ذنبُهم في حدٍّ من حُدُودِ الله ما لم تُرفع للسُّلطان.


(١) ـ انظر «بدائع الفوائد» لابن القيم (٣ / ١٣٨) .
(٢) ـ انظر «النهاية» لابن الأثير (٥ / ٢٨٥) .

<<  <   >  >>