للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

على الخلفاء والسلاطين أنفسهم (١). وكان الخلفاء والملوك يعلمون جيدًا أن هيبة القضاء من هيبة الملك، وأن فساد القاضي لن يقتصر ضرره عليه وحده.

يذكر وكيع (٣٠٦ هـ) أن عبد الملك بن مروان بلغه أن قاضيًا له ارتشى، فكتب إليه:

إذا رشوة حلت ببيت تولجت... لتدخل فيه والأمانة فيه

سعت هربا منها وولت كأنها... تولي حليم عن جواب سفيه (٢)

كما أن من المهم الإشارة إلى أن صلاح القاضي وفطنته لا تسمح لأحد أن يجعله وسيلة إلى أغراضه الشخصية، ولا تحصي كتب طبقات القضاة الأمثلة التي عزل فيها القضاة أنفسهم إذا شعروا بتقييد سلطتهم القضائية، بل لقد ذكر في ترجمة الأستاذ أبي حامد الإسفراييني شيخ الشافعية وقاضي بغداد (ت ٤٠٦ هـ) أنه وقع من الخليفة ما أوجب أن كتب إليه الشيخ أبو حامد: اعلم أنك لست بقادر على عزلي عن ولايتي التي ولانيها الله تعالى، وأنا أقدر أن أكتب رقعة إلى خراسان بكلمتين أو ثلاث أعزلك عن خلافتك. وأبو حامد هذا هو الذي قال فيه أبو إسحاق


(١) طالع تنبيهًا مهمًا ذكره د. وائل حلاق بهذا الصدد، نشأة الفقه الإسلامي وتطوره (٢٦٠).
(٢) أخبار القضاة (٦٩٣).

<<  <   >  >>