للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشيرازي (ت ٤٧٦ هـ): (وانتهت إليه رئاسة الدنيا والدين ببغداد) (١).

أما ما يذكره بعض الباحثين من وصف ما قام به العباسيون ابتداءً من إجراءات لتنظيم القضاء كاستحداث منصب (قاضي القضاة) وغيره، بأنه تضييق لسلطات الفقهاء وتقييد لها (٢)، فهذا وصف عجيب، فإن تنظيم القضاء وترتيبه لم يزل من شأن الدول؛ لأنه من الوظائف التي تستند إلى السلطان والقوة ليخضع لها الناس في فصل المنازعات، ولو فرط العباسيون فيها لكان ذلك نقصًا يلحقهم، ولا يمكن اعتبار هذه الإجراءات تدخلًا في سلطة القضاة إلا إذا أثر ذلك في تقييد مجالات التقاضي أو في طبيعة الأحكام، وهذا ما يحتاج إلى برهان مستقل. والواقع أن أول من ولاه العباسيون منصب قاضي القضاة هو القاضي أبو يوسف (ت ١٨٢ هـ) الفقيه الكبير وتلميذ أبي حنيفة، والقاضي أبو يوسف من الأئمة الفقهاء الكبار الذين استفاض في الأمة حسن سيرتهم والثناء عليهم، وليس مثله من يكون أداة للسلطان في تنفيذ أغراضه. ولكن هذه الطريقة في التحليل من آثار المغالاة في التحليل المادي مما سبقت الإشارة إليه.

وأما من ناحية المادة الفقهية التعليمية التي تشكل لب المدونات الفقهية في المذاهب المتبوعة فإن آلية الاجتهاد فيها وصياغة أحكامها لم يكن للخلفاء والملوك مدخل فيها ألبتة.


(١) انظر: طبقات الفقهاء، الشيرازي (١٢٤).
(٢) انظر: الفكر الأصولي، د. عبد المجيد الصغير (٢٣٠).

<<  <   >  >>