للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الكبرى التي كانت تتخرج فيها هذه النخب كانت المدارس والمعاهد الشرعية كالأزهر والزيتونة والقرويين (١).

إن المثقف في أي حضارة لا يمكنه الإسهام فيها إسهامًا فاعلًا ما لم تتصالح أهدافه مع أهدافها، وإذا ما قرر إدوارد سعيد مثلًا أن الوحي كارثة إذا ما سعى المثقف إلى التنظير بموجبه (٢)، أو أن المثقف الحقيقي كائن علماني (٣)، فالواجب على المثقف المسلم أن يتعامل مع هذه المقالة على أنها متصالحة مع الحضارة التي ينتمي إليها قائلها وليست قاعدة كلية مطلقة؛ لأن المثقف المسلم لو غدا كائنًا علمانيًا فإنه يفقد جذوره التي تمكنه من أداء وظيفته التي لأجلها وجد مفهوم (المثقف)، وإذا كان المثقف الأوروبي في حالة خصومة مع ما يسميهم رجال الدين فلأنهم كانوا يتحكمون في العقول باسم الدين ويمنحون طائفة من البشر حق التشريع المعصوم (٤)، ويزعمون أن المسيح عليه السلام قال لبطرس: ((وأنا أقول لك أيضًا: أنت بطرس، وعلى هذه الصخرة أبني كنيستي، وأبواب الجحيم لن تقوى عليها. وأعطيك مفاتيح ملكوت السماوات، فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطًا في


(١) انظر: التدوين والتقنين قراءة في التجربة الفقهية المعاصرة، سعيد بنسعيد العلوي، ضمن بحوث ندوة التقنين والتجديد في الفقه الإسلامي المعاصر (٨٨١)، بين الفقيه والمثقف، رفيق عبد السلام، مقال بجريدة الشرق الأوسط، العدد (١١٥٨٥)، بتاريخ: (٧/ ٩/١٤٣١ هـ).
(٢) انظر: صور المثقف (٩٤).
(٣) انظر: صور المثقف (١٢١).
(٤) انظر: النقد الذاتي، علال الفاسي (١١٥).

<<  <   >  >>