للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وإن كان أهل السُّنِّة يحكمون عليهم بأنهم أخطأوا في مصادر ومناهج الاستدلال لعقائدهم وآرائهم.

وما يقال هنا في شأن المثقف الذي يتنكر لدين الإسلام وشريعته يقال أيضًا في بعض المثقفين الذين لا يتنكرون لهويتهم ودينهم ولكنهم يسلكون مسلكًا توفيقيًا بحيث ينتقون من مقاصد الدين وغاياته ما يرونه متلائمًا مع المرجعيات الأجنبية التي يسمونها: (روح العصر وحضارته) أو (مرجعية الواقع) (١)، ثم يعودون على أحكام الشريعة بالانتقاء والتأويل بالرد إلى هذه المقاصد المنتقاة، مع الإزراء بالفقهاء الذين لا يعتنون بالمقاصد حق العناية وتقتصر عنايتهم على التفاصيل والجزئيات.

إن المقاصد التي يتحدث عنها هؤلاء إنما عرفت باستقراء ما يدعونه بالتفاصيل والجزئيات كما عرف في أبواب طرق كشف مقاصد الشارع، ولكن ما وقعوا فيه من الانتقاء الفروعي أفضى بهم إلى الانتقاء على مستوى المقاصد والأصول، فإن الشريعة كلٌّ واحد في فروعها وأصولها ومقاصدها، وإذا ما اختار إنسان أن ينتقي منها ما يراه متفقًا مع (روح العصر وحضارته) فإن هذا الانتقاء لن يظل على مستوى الفروع فحسب، ونقاش مثل هؤلاء ينبغي ألا يقتصر على الفروع، بل لا بد أن يشمل المقاصد التي يدعون فهمها واحتكارها؛ لأن سلوك سبيل الانتقاء يُخِلُّ بمنهاج


(١) انظر على سبيل المثال: القطيعة بين المثقف والفقيه، يحيى محمد (١٠١)، خطاب المثقف وخطاب الفقيه، حسين العودات، مقال بجريدة البيان الإماراتية، بتاريخ: ٢٦/ ١١/٢٠١١ م.

<<  <   >  >>