للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الشريعة وانتظامها، وإذا خرج إنسان بالشريعة عن انتظامها خرج بها إلى الفوضى، والفوضى لا ضابط لها وكل ما يفترضه من الضوابط سينازعه عليه آخرون حتى لا يبقى من الشريعة إلا اسمها.

إن المثقف المسلم لا بد أن يستمد تصوراته ومفاهيمه ومنطلقاته من الدين والشريعة حتى يكون مثقفًا مسلمًا، أما إذا هيمنت عليه عاطفة دينية صادقة مع مبادئ أجنبية غريبة فهو ممن يصدق عليهم وصف أبي الأعلى المودودي (ت ١٣٩٩ هـ) بأن (القلوب مسلمة، ولكن الأذهان غير مسلمة) (١).

والعلاقة بين المثقف والفقيه لا بد أن تكون قائمة على التكامل والتوافق؛ لأن مرجعيتهما واحدة وأصولهما متفقة وإن كانت وظيفتهما مختلفة، فالفقيه معنيٌّ ببيان الأحكام ونسبة الأفعال إلى الحل أو الحرمة بمستوى من المستويات، وأما المثقف فهو معنى بتحليل الظواهر ووصفها ليتمكن الفقيه من أداء وظيفته (٢). أما ما قد يحصل من خلاف بينهما بعد اتفاق الأصول فهو مما قد يقع مثله بين الفقهاء أنفسهم، والتعامل مع هذا الخلاف يتم وفق ما وضحه وبينه العلماء في قواعد وآداب إدارة الخلاف.

يقول الشيخ محمد البشير الإبراهيمي (ت ١٣٨٥ هـ): (وقد


(١) نحن والحضارة الغربية (١٣٤).
(٢) انظر: نحو إعادة بناء علوم الامة الاجتماعية والشرعية، د. مني أبو الفضل (١٦).

<<  <   >  >>