للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

لقد كان العلماء يشددون في شرط المدرس ويشترطون له الشروط والصفات والمؤهلات الصعبة ويعقدون له امتحانات التدريس (١)؛ وذلك لعلمهم بخطورة هذه الوظيفة ومدى ما يترتب عليها من النفع والضرر العام (٢). وجاء في سيرة سحنون (ت ٢٤٠ هـ): أنه كان يعزل الصفرية والإباضية المغيرية أن يكونوا أئمة للناس أو معلمين لصبيانهم (٣).

ومن أعظم شروط المعلم حسن خلقه وموافقة عمله لعلمه، فإن قوام الأمة بأخلاقها وإذا ضعفت الفضيلة في معلميها أسرع الداء إلى عامتها، وإذا ذهب وقت التعليم عن الطلبة ولم يتلقوا فيه فضائل الأخلاق فمن العسير أو المتعذر تلقينها لهم من بعد (٤). وهذه الأخلاق الزاكية متى اجتمعت مع العلوم الراسخة أثمر ذلك معنى البركة في العلم والتعلم، وامتد أثر ذلك إلى ملاقاة التعليم لغاياته ومقاصده، وقد ذكر في ترجمة الفقيه الحنبلي


(١) هذا الامتحان يختلف من مدرسة لأخرى ومن مكان لمكان وزمان لزمان، وربما جرى الاستغناء عنه عند اشتهار الفقيه واستفاضة علمه وفضله أو تزكيته من شيوخه، واشتراطه مهم عند ضعف الحركة التعليمية؛ ويكثر أن يضعه أهل العلم عندما يلاحظون تطرق الضعف والفتور العلمي إلى الجامع أو المدرسة. انظر: تاريخ الإصلاح في الأزهر، عبد المتعال الصعيدي (٣٤)، وربما جرى هذا الامتحان في بعض الأحيان من قبل السلاطين، كما في امتحان السلطان أبي الحسن المريني لفقهاء تونس. انظر: منهاج تدريس الفقه، د. مصطفى صادقي (١٥٩).
(٢) انظر: النقد الذاتي، علال الفاسي (٣٧٧)، إعداد مدرس التربية الإسلامية، د. محمد الزحيلي (٥٦).
(٣) انظر: ترتيب المدارك، القاضي عياض (٤/ ٦٠).
(٤) انظر: أليس الصبح بقريب، ابن عاشور (١٠٨).

<<  <   >  >>