من عجائب هذا الزمان أن الكثير من أهله يشكون فشوَّ الضعف في الذين يتولون الوظائف والخطط الدينية من إفتاء وقضاء وتعليم ووعظ وسوى ذلك، ويتذمرون من فساد التصورات والأحوال الذي ينشأ من ذلك الضعف، ومع ذلك فتنتشر في الناس قناعة مفادها أن الكليات والمعاهد الشرعية والإنسانية بوجه عام هي كليات من لا كلية له، وأن الدراسة فيها ميسَّرة وسهلة أو يجب أن تكون كذلك على أقل تقدير، واجتماع هاتين الحالتين المتناقضتين من العجائب، فإننا إذا تيقنا الأثر الكبير لكفاءة الفقيه وأهليته في صلاح الحياة العامة فإن من اللازم الشرعي والعقلي أن يشدد في شرط الذين يهيأون لهذه الوظائف، وإذا كان الناس يشددون في شرط الطبيب الذي يعالج الأبدان فإن التشديد في شرط الفقيه الذي يسهم في تشكيل التصورات العامة للمجتمع أولى وأحرى. وما طول شكوى الناس من بعض الوعاظ والأئمة والمفتين غير المؤهلين لهذه الوظائف إلا ثمرة من ثمرات التساهل في هذا الشرط أول مرة.