القسم الثالث: مظاهر ليست متحققة، بل هي آمال وأمنيات نتجت من ملاحظة أمثلة يسيرة ثم ارتكاب مغالطة التعميم على الصعيد الفقهي العام، مع أنها استثناء من الأصل وليست قاعدة يمكن جعلها مظهرًا للنهضة والتجديد. ومن الأمثلة الظاهرة لذلك ما ذكر من استمداد التقنينات من الفقه، فإن هذه التقنينات في مجملها لم تجد سبيلها إلى التطبيق إلا في نطاق محدود، بل إن من أبرز سمات هذا العصر الذي نعيشه إقصاء الشريعة عن الحكم، وتظل هذه التقنينات حبيسة الأدراج ما لم توجد عزيمة صادقة على تطبيقها.
ومن أمثلة هذا القسم أيضًا ما تقدم ذكره من تجديد في أسلوب تدريس الفقه والإفادة من المناهج التعليمية الحديثة في تطوير التعليم الفقهي وتحديث أدواته ووسائله، فإن واقع التعليم الفقهي لا يساعد على إدراج ذلك ضمن مظاهر التجديد، بل إن كثيرًا من المراقبين يتحدثون عما يسمى بأزمة التعليم الديني، وأنه لم يكن محل جدل ونقاش كما هو عليه اليوم (١)، وهذا الكلام لا يخلو من مصداقية على الرغم من اختلاف زاوية الرؤية من مراقب لآخر.
عند التأمل في جميع ما مضى فإننا لا نجد المسببات الكافية التي تحملنا على اعتبار هذا الدور دورًا متميزًا على سابقه إلى النحو الذي يغدو به عصر نهضة وتجديد وانبعاث بل هو
(١) انظر: أزمة التعليم الديني في العالم الإسلامي، د. خالد الصمدي وزميله (١٣).