للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(ورأيت أن أملي تلخيصًا في الفرائض يستقل به الفقيه إذا اقتصر عليه وتدرب في التصرف فيه أغناه عن جميع مسائل الفرائض المستفتي عنها، وقد حفظته لجماعة ودربتهم عليه بإلقاء المسائل فاكتفوا به عن مطالعة الفرائض) (١)، كما يذكر أيضًا أنه كان من الطريقة المتبعة عند الفقهاء أن تقرأ عليهم كتب الحديث لأجل التدريب على كيفية الاستنباط منها، فيقول: (وكثيرًا ما يعول فقهاء الزمان على قراءة من يقرأ كتبهم بين أيديهم، ولكن أكثر فقهاء الزمان كثيرًا ما تقرأ عليهم بعض كتب الحديث ليستمع كلامهم على فقهها، ويتعلم منهم كيفية الاستنباط من أحاديثها) (٢).

ويقول القرافي (ت ٦٨٤ هـ) في تأكيد هذا المعنى وبيان أهميته والتحذير من التساهل فيه: (فإن القواعد ليست مستوعبة في أصول الفقه، بل للشريعة قواعد كثيرة جدًا عند أئمة الفتوى والفقهاء لا توجد في كتب أصول الفقه أصلًا، وذلك هو الباعث على وضع هذا الكتاب لأضبط تلك القواعد بحسب طاقتي، ولاعتبار هذا الشرط يحرم على أكثر الناس الفتوى فتأمل ذلك فهو أمر لازم، وكذلك كان السلف رضي الله عنه متوقفين في الفتيا توقفًا شديدًا. وقال مالك رحمه الله: لا ينبغي للعالم أن يفتي حتى يراه الناس أهلًا لذلك، ويرى هو نفسه أهلًا لذلك. يريد: تثبت أهليته عند العلماء ويكون هو بيقين مطلعًا على ما قاله العلماء في حقه


(١) المعلم بفوائد مسلم (٢/ ٣٤٣)، وانظر: منهاج تدريس الفقه، د. مصطفى صادقي (١١٥) وما بعدها.
(٢) إيضاح المحصول من برهان الأصول، المازري (٤٩٨).

<<  <   >  >>