للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إذا التفت عن يمينه مرة وعن شماله أخرى عرف مقدار الشر والفساد الواقعين على رؤوس العباد) (١).

ويقول الأستاذ محمد كرد علي (ت ١٣٧٢ هـ): (وهناك كثيرون تولوا الأعمال العلمية العظيمة كالقضاء والإفتاء، وكانوا على جانب من الجهل المخيف. أدركت منهم مفتيًا سخيفًا كان يدعي له مريدوه أنه عفيف لا يرتشي، وأنا أعرف أن أحد أقربائي قد رشاه بمقدار من الأرز والسكر والسمن فحكم له بما أراد، وكان إلى هذا جاهلًا لا يعرف إلا ما تعلمه من فقه المحاكم...

وهذا الشيخ كان ممن يتقرب إلى العوام بلعن رجال الإصلاح وتكفيرهم وتبديعهم؛ لأنهم هم الذين يظهرون حقائق أمثاله للملأ ويعرفونهم أنهم طبول فارغة) (٢).

والواقع أنه لا يمكن النظر إلى هذا النوع من الفساد بمعزل عن الفساد العام، فإن الفقه في حقيقته وطبيعته واقع وحياة لا مجرد فكر وتنظير.

والفساد الذي يتطرق إلى الحياة العامة ستمتد آثاره إلى الممارسات والنتائج الفقهية بطبيعة الحال، فإن الشريعة إذا استبعدت من الحكم تطرق إلى الحركة الفقهية الركود والجمود، وإن السياسي إذا فسد اختار الفاسد من حملة الفقه فإن (السلطان


(١) التعليم والإرشاد (٤١).
(٢) أقوالنا وأفعالنا (٢٥٧).

<<  <   >  >>