للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

سوق، وإنما يجلب إلى كل سوق ما ينفق فيها) (١)، ولا تسل عن ضيعة الأمر يومئذٍ، والأمر كما قال ابن المبارك (ت ١٨١ هـ):

وهل بدَّل الدين إلا الملوك... وأحبار سوء ورهبانها

وباعوا النفوس فلم يربحوا... ولم تغل في البيع أثمانها (٢)

وبالإضافة إلى ذلك فإنه لا يتصور في طبائع الأشياء أن يحصل تطور تشريعي في وضع اقتصادي واجتماعي ساكن وراكد، أما إذا دبت الحياة والحركة في المجتمع فإن القانون يبدأ حينئذٍ في التشريع لها، فالركود القانوني والتشريعي مردود في حقيقة الأمر إلى ركود المجتمع وسكون الحياة (٣). وهذا أمر ملاحظ لمن سبر أحوال الدول، فإن الحركة العلمية تضعف بضعف الدولة، ومن أمثلة ذلك سكون حركة العلم في مصر بعد سقوط دولة المماليك وتحول مصر من دولة متبوعة إلى ولاية تابعة للدولة العثمانية في إسلامبول (إسطنبول)، فانحطت مكانتها بزوال دولتها ولم يظهر فيها من العلماء كالذين ظهروا في فترة المماليك، لا سيما بعد أن صارت اللغة التركية لغة الدواوين، فضعفت العربية ضعفًا شديدًا، وضعفت علومها وآدابها وطغت العامية عليها (٤).


(١) رسائل الجاحظ (١/ ٢١٣)، وأصل العبارة لأبي حازم الأعرج عندما قال لسليمان بن عبد الملك: (إنما أنت سوق فما نفق عندك حمل إليك من خير أو شر فاختر أيهما شئت). انظر: العقد الفريد (٣/ ١٠٨).
(٢) شعب الإيمان، البيهقي (٩/ ٤٢٣).
(٣) انظر: تحويل المرجعية التشريعية في مصر في القرنين التاسع عشر والعشرين، طارق البشري، مجلة الأزهر، الجزء ١١، السنة ٨٥، (ص ٢٣٩٣).
(٤) انظر: تاريخ الإصلاح في الأزهر، عبد المتعال الصعيدي (٧).

<<  <   >  >>