للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بلد لأنفسهم) (١). وقد ورث فقهاء المالكية هذا الفقه عن إمامهم وظهر أثره في فتاويهم وأقضيتهم والتزم به ملوكهم وأمراؤهم فمنعوا الناس في بلادهم من الخروج عن مذهب مالك لأجل الاستقرار الاجتماعي (٢)، وقد ظهر مؤخرًا حرص وتأكيد سياسي على الهوية المالكية لبعض بلدان المغرب لأسباب لا تخفى على متابع (٣).

كما كان لفقهاء المالكية دور في مكافحة المد الشيعي والإباضي الذي عصف ببلاد الغرب زمنًا واستطاعوا الحفاظ على المذهب السني بالرغم من الاضطهاد الشديد الذي عانوه من العبيديين وغيرهم (٤)، وقد ظهر أثر ذلك في مدونات الفقه وكتب النوازل، كما ظهر في نوع من الصرامة في الجدل الفقهي عندما


(١) انظر: ترتيب المدارك، القاضي عياض (٢/ ٧١).
(٢) انظر على سبيل المثال: المعيار المعرب، الونشريسي (٢/ ١٦٩) و (١٢/ ٢٦)، تاريخ المغرب الإسلامي والأندلس في العصر المريني، د. محمد الحريري (٣٤٠)، المدارس العتيقة بالمغرب، د. جميل حمداوي (بحث منشور على الشبكة العالمية بموقع دروب)، وللدكتور محمد الروكي في ذلك رسالة صغيرة سماها: (المغرب مالكي.. لماذا؟)، وقد فسر كولسون ما يسمى قفل باب الاجتهاد بأن الغرض منه كان استقرار النظام الاجتماعي والوقوف عند السوابق كما يوجد في باقي بلاد العالم، فالقانون ينبغي أن يستقر ما دام موافقًا لنظام المجتمع، انظر: نقاط التجاذب والخلاف في الفقه الإسلامي، كولسون، مجلة المسلم المعاصر (٣: ١٥٠).
(٣) انظر: إشكالية الوظيفة الدينية في الدولة المعاصرة، امحمد جبرون (١٢).
(٤) انظر: الأثر السياسي للعلماء في عصر المرابطين، محمد محمود بن بية (٢٩٥)، وهذه المقاومة العلمية والفقهية من قبل علماء السُّنِّة للمذهب الشيعي تكررت في أمكنة وأزمنة مختلفة، كالعراق زمن البويهيين، ومصر أيام العبيديين، وغير ذلك.
انظر مثلًا: الحياة العلمية في العراق خلال العصر البويهي، د. رشاد معتوق (٣٩٥).

<<  <   >  >>