للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

ليس بفقيه) (١)، قال ابن السمعاني (ت ٤٨٩ هـ): (أي: غير مستنبط، ومعناه أنه يحمل الرواية من غير أن يكون له استدلال واستنباط فيها) (٢). فنبي الهدى صلى الله عليه وسلم فرق هنا بين حملة الفقه وبين الفقهاء، فحامل الفقه لا يلزم أن يكون فقيهًا بالضرورة، وبناء على هذا فلا بد من التمييز بين الرجلين وألا يجعل مقدار العلم الذي يحمله المرء معيارًا في وصفه بالفقه، فإن حامل الفقه لا يكون فقيهًا حتى (يكون عنده سجية وقوة يقتدر بها على التصرف بالجمع والتفريق والترتيب، والتصحيح والإفساد؛ فإن ذلك ملاك صناعة الفقه) (٣).

وحدَّث عبد الله بن وهب (ت ١٩٧ هـ): أنه سمع مالكًا (ت ١٧٩ هـ) يقول: (ليس الفقه بكثرة المسائل، ولكن الفقه يؤتيه الله من يشاء من خلقه) (٤)، وذكر النووي (ت ٦٧٦ هـ) في ترجمة الإمام الشافعي (ت ٢٠٤ هـ) في ((تهذيب الأسماء واللغات)): أن محمد بن عبد الحكم (ت ٢٦٨ هـ) قال: ليس فلان عندنا بفقيه؛ لأنه يجمع أقوال الناس ويختار بعضها، قيل: فمن الفقيه؟ قال: الذي يستنبط أصلًا من كتاب أو سنة لم يُسبق إليه، ثم يشعب في ذلك الأصل مائة شعب، قيل: فمن يقوى على هذا؟ قال: محمد بن


(١) رواه أبو داود في كتاب العلم، باب فضل نشر العلم (٣٦٥٢)، والترمذي في كتاب العلم، باب ما جاء في الحث على تبليغ السماع (٢٦٥٦)، وقال: حديث حسن.
(٢) قواطع الأدلة (١١).
(٣) التحبير شرح التحرير، المرداوي (٨/ ٣٨٧٠).
(٤) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، باب معرفة أصول العلم وحقيقته (٢/ ٢٥).

<<  <   >  >>