للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

واعتقاداته وتشريعاته وآدابه وفضائله ومكارمه، وكل ذلك مفتقر في تحصيله وتطبيقه والهداية به وإليه إلى فهم عميق لا يتأتى بمجرد المعرفة، ولا يرفع ذلك الاصطلاح المتأخر الذي يخصه بعلم الحلال والحرام، ولكن القصد أن يعلم حقيقة ما يتنزل عليه اسم الفقه؛ لأننا متى شئنا الحديث عن إصلاح الفقه ووظائفه فلا بد أن يعلم امتداد هذا الاسم الشريف وما يترتب على هذا الامتداد من المعاني المؤثرة. ولأجل مزيد بيان لذلك أسوق كلامًا جليلًا للإمام الحليمي (ت ٤٠٣ هـ) حيث يقول: (ومن نظر وتبين علم أن الفقه إن كان يستوجب الثناء ويستحق المدح والإطراء؛ لأنه علم أصله وحي، فما وصفناه من أضراب علم الشريعة وحي أصله تنزيل كله، وإن كان ذلك لما يحتاج إليه فيه من الفهم والفطنة، فما علم من العلوم إلا ومنه جلي وخفي، ولا وجه لإدراك الخفي إلا الاستدلال بالجلي عليه، ولا سبيل إلى الاستدلال بالجلي على الخفي إلا بعد إدراك المعاني وتبيّنها، وفي ذلك ما يبين أن اسم الفقه علم العلوم الشريعة كلها [كذا]، أعلاها الذي يتوصل بها إلى معرفة الله تعالى جده ووحدانيته وقدسه وعامة صفاته، ومعرفة أنبياء الله ورسله، والفرق بينهم وبين من يدَّعي مثلَ ما ادَّعوا، ولا يأتي من البينات بمثل ما أتوا. وما بعد ذلك من علم العبادات، وأحكام الاكتساب والمعاملات، والحدود والجنايات، والفصل بين المتنازعين، وإيصال الحقوق إلى المستحقين، ومن علم الأحوال والأخلاق والآداب والسيرة الحميدة والعشرة الجميلة، والمروءة التي هي قرينة العدالة، وإبقاء معاني العبودية

<<  <   >  >>