للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الفروع والأحكام باسمه من الاصطلاحات العلمية الراسخة التي تواضع العلماء عليها، غير أنه لا ينبغي إهمال أصل المعنى لما يترتب على ذلك من فساد العلوم والأحوال. ومن أمثلة هذا الفساد ما يتولد في نفوس كثير من الخاصة فضلًا عن العامة من تصور أن الفقه من علم الجزئيات، وأن الفقهاء بعيدون عن واقع الناس ومعاشهم؛ بما ينشغلون به من تتبع الصور الجزئية وتطلب أحكامها. والحق أن حال بعض الفقهاء من أسباب انبعاث هذا التصور، لكن طبيعة علم الفقه وواقع الفقهاء الذين يصدق عليهم هذا الاسم بالحقيقة لا يساعد على تأكيده، فالفقهاء في تاريخ المسلمين المديد وباختلاف الزمان والمكان كان لهم الأثر الكبير في صناعة الحياة.

يقول د. محمد عابد الجابري (ت ١٤٣١ هـ): (إذا جاز لنا أن نسمى الحضارة الإسلامية بإحدى منتجاتها، فإنه سيكون علينا أن نقول عنها إنها حضارة فقه، وذلك بنفس المعنى الذي ينطبق على الحضارة اليونانية حينما نقول عنها إنها حضارة فلسفة، وعلى الحضارة الأوروبية المعاصرة حينما نصفها بأنها حضارة علم وتقنية. والواقع أنه سواء نظرنا إلى المنتجات الفكرية للحضارة الإسلامية من ناحية الكم، أو نظرنا إليها من ناحية الكيف، فإننا سنجد الفقه يحتل الدرجة الأولى بدون منازع. إن ما كتب في الفقه من مطولات ومختصرات وشروح وشروح الشروح لا يكاد

<<  <   >  >>