للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بالكلام لكنها قل أن تخلو من فقيه يفتي الناس ويعلمهم؛ لمسيس حاجة الناس إليه (١).

وإنما ينشأ الفساد عندما يظن ظان أن أصل الفقه هو هذه التفريعات والخلافيات التي تتضمنها كتب الفقهاء لا سيما المطولات منها. مع أن من العلماء من عد الاشتغال بالتقديرات وتكرار الفروع أقدم فساد أوجب تأخر الفقه (٢).

والعدل يقتضي أن يعلم الفرق بين الفقه كفن وعلم وبين الفروع الفقهية، فإن الفقه منه ما هو أصول وقواعد وقطعيات كلية هي أساس الدين، ومنه ما هو فروع وأحكام تفصيلية ناتجة من ممارسة الحياة وأسئلة الناس، وكلاهما من ضرورات تكوين الفقيه، وقد قال قتادة (ت ١١٧ هـ): (من لم يعرف الاختلاف لم يشم أنفه الفقه) (٣)، وقال ابن الماجشون (ت ٢١٢ هـ): (كانوا يقولون: لا يكون فقيهًا في الحادث من لم يكن عالمًا بالماضي) (٤). لكن من الواجب أن يعلم أن هذه الفروع نتائج للفقه، ومعرفتها ضرورة من جهة معرفة كلام أهل العلم لئلا تكون من مسائل الاتفاق، ولئلا يهمل من الخلاف والأدلة ما لا ينبغي إهماله. قال عطاء (ت ١١٤ هـ): (لا ينبغي لأحد أن يفتي الناس حتى يكون عالمًا باختلاف الناس؛ فإن لم يكن كذلك رد من


(١) انظر: أليس الصبح بقريب، ابن عاشور (٦٠).
(٢) انظر: أليس الصبح بقريب، ابن عاشور (١٧١).
(٣) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، باب من يستحق أن يسمى فقيهًا (١٥٢٢).
(٤) جامع بيان العلم وفضله، ابن عبد البر، باب من يستحق أن يسمى فقيهًا (١٥٣١).

<<  <   >  >>