للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

توجد في العالم امرأة تحيض خمسة عشر يومًا أو تسعة عشر؟ أو امرأة مستحاضة دائمًا لا يعرف لها عادة ولا يتميز الدم في ألوانه؟ بل الاستحاضة إذا وقعت فغالب النسوة يكون تميزها وعادتها واحدة، والحكم في ذلك ثابت بالنصوص المتواترة عن النبي صلى الله عليه وسلم وباتفاق الفقهاء. ونحن ذكرنا في الموت الذي هو أمر لازم لكل أحد وقل من يموت إلا وله شيء (١)، وفي الحيض الذي هو أمر معتاد للنساء، وكذلك سائر الأجناس المعتادة مثل النكاح وتوابعه والبيوع وتوابعها والعبادات والجنايات.

فإن قال قائل: مسائل الاجتهاد والخلاف في الفقه كثيرة جدًا في هذه الأبواب، قيل له: مسائل القطع والنص والإجماع بقدر تلك أضعافًا مضاعفة، وإنما كثرت لكثرة أعمال العباد وكثرة أنواعها، فإنها أكثر ما يعلمه الناس مفصلًا، ومتى كثر الشيء إلى هذا الحد كان كل جزء منه كثيرًا. من ينظرها مكتوبة فلا يرتسم في نفسه إلا ذلك. كما يطالع تواريخ الناس والفتن وهي متصلة في الخبر فيرتسم في نفسه أن العالم ما زال ذلك فيه متواصلًا، والمكتوب شيء والواقع أشياء كثيرة، فكذلك أعمال العباد وأحكامها ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك) (٢).

فهذه الفروع والتفصيلات الجزئية هي نتائج ارتباط الفقه بالحياة، وسؤال الناس لأهل الذكر والفقه في الدين عما يشكل


(١) أيْ: مال يورِّثه، وكان حديثه قبل هذا الموضع عن علم الفرائض.
(٢) الاستقامة (١/ ٥٨).

<<  <   >  >>