للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

عليهم، فإن من المعلوم أنه ما من عمل وله حكم في الشريعة، وأصل هذه الأحكام في كتاب الله تعالى بالأصالة أو بالدلالة.

قال الإمام الشافعي (ت ٢٠٤ هـ): (فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدى فيها) (١).

ومتى علم امتزاج الفقه بالحياة فإن أسئلة الناس ستتوارد على الفقهاء في شتى مجالات الحياة، ولذا فإن كتب الفقه وأبوابه تعم كافة الأنشطة التي يمكن للبشر أن يزاولوها، ومنها الجليل واليسير، والكثير والقليل والنادر، لا سيما والإسلام له دولة تقوم بأمره وترعى مقاصده، وعلمها يعم كل فرع من فروع الحياة (٢).

والفقه بآلياته هو الذي يغور بهدايات الشريعة في المجتمعات الإسلامية إلى أبعد مدى، ويطبعها بطابع يمزج تفاصيل الحضارة بتفاصيل الشريعة، حتى بات للإسلام حضارة تنسب إليه فيقال لها: (الحضارة الإسلامية)، وهذا ما يمتاز به دين الإسلام من بين سائر الديانات (٣). ولذا فإن تغيير سلوك المسلمين وأخلاقهم الاجتماعية، وتوجيه حياتهم بخلاف ما تقتضيه حضارتهم، كان من أكبر مداخل الدول الاستعمارية لإحلال مفاهيم ومشاريع أجنبية أدت إلى فوضى عارمة في مجالات شتى (٤).

ومن الفساد الذي ينشأ من إغفال الفرق بين وظيفة الفقيه في


(١) الرسالة (٢٠).
(٢) انظر: نظرية الإسلام السياسية، المودودي (٤٢).
(٣) انظر: أرض العروبة رؤية حضارية في المكان والزمان، د. سليمان حزين (٢٧١).
(٤) انظر: تراثنا الفقهي وضرورة التجديد، عبد الحي عمور (٦).

<<  <   >  >>