للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

إلى العلم بطبيعة الحياة التي يريد تنزيل الأحكام عليها، وهذا ما يُحتِّم عليه أن يكون مشاركًا في العلوم التي لا يتمكن من استخراج الأحكام إلا بها، وهذا كان دأب الفقهاء المجتهدين، ومن طالع سيرهم وتراجمهم ناله العجب من تنوع معارفهم وسعة اطلاعهم وكثرة مشاركتهم تعلمًا وتعليمًا وتأليفًا.

يقول ابن الجوزي (ت ٥٩٧ هـ): (على أنه ينبغي للفقيه ألا يكون أجنبيّاً عن باقي العلوم فإنه لا يكون فقيهًا، بل يأخذ من كل علم بحظ ثم يتوفر على الفقه فإنه عز الدنيا والآخرة) (١).

ويقول الإمام القرافي (ت ٦٨٤ هـ): (وكم يخفى على الفقيه والحاكم الحق في المسائل الكثيرة بسبب الجهل بالحساب والطب والهندسة. فينبغي لذوي الهمم العلية أن لا يتركوا الاطلاع على العلوم ما أمكنهم:

فلم أر في عيوب الناس شيئًا... كنقص القادرين على التمام) (٢)

وقال الشيخ حسن العطار (ت ١٢٥٠ هـ) في شكوى موجعة: (من تأمل ما سطرناه وما ذكره من التصدي لتراجم الأئمة الأعلام على أنهم كانوا مع رسوخ قدمهم في العلوم الشرعية والأحكام الدينية لهم اطلاع عظيم على غيرها من العلوم، وإحاطة تامة بكلياتها وجزئياتها حتى في كتب المخالفين في العقائد والفروع،


(١) صيد الخاطر (٢٩٠).
(٢) الفروق (٤/ ٢٣)، وانظر: الفتوى في الإسلام، جمال الدين القاسمي (١٤٢)، والبيت المذكور لأبي الطب المتنبي، انظر: ديوانه (٤٧٦).

<<  <   >  >>