للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

أصل لها، أو نكتة أدبية قلنا هذا من علوم أهل البطالة هكذا، فصار العذر أقبح من الذنب، وإذا اجتمع جماعة منا في مجلس فالمخاطبات مخاطبات العامة والحديث حديثهم، فإذا جرى في المجلس نكتة أدبية ربما لا نتفطن لها، وإن تطفنا لها بالغنا في إنكارها والإغماض عن قائلها إن كان مساويًا، وإيذائه بشناعة القول إن كان أدنى، ونسبناه إلى عدم الحشمة وقلة الأدب، وأما إذا وقعت مسألة غامضة من أيِّ علم كان عند ذلك تقوم القيامة وتكثر القالة، ويتكدر المجلس وتمتلئ القلوب بالشحناء وتغمض العيون على القذى، فالمرموق بنظر العامة الموسوم بما يسمى العلم إما أن يتستر بالسكوت حتى يقال إن الشيخ مستغرق، أو يهذو بما تمجه الأسماع وتنفر عنه الطباع:

وقالوا سكرنا بحب الإله... وما أسكر القوم إلا القصع

فحالنا الآن كما قال ابن الجوزي في مجلس وعظه ببغداد:

ما في الديار أخو وجد نطارحه... حديث نجد ولا خل نجاريه

وهذه نفثة مصدور فنسأل الله السلامة واللطف) (١).

والفقيه محتاج في تنزيل الأحكام إلى معرفة طبائع الناس وعوائدهم، وأحوال اجتماعهم ووجوه سياستهم، وطرائق إيصال الهدى والخير إليهم، ومعرفة طرق تحصيل المصالح وتكثيرها، وطرق درء المفاسد وتقليلها ما أمكن، ولذا وصف أبو حامد الغزالي (ت ٥٠٥ هـ) الفقيه بأنه: (العالم بقانون السياسة، وطريق


(١) حاشية العطار على جمع الجوامع (٢/ ٢٤٧).

<<  <   >  >>