للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بهذه الصفة لا يكادون يقدمون شيئًا جديدًا، بل جهودهم محصورة في الجمع والتكرار والترجيح على ما علم في طبقات المقلدين، وهذا ما يجعل منهم بعيدين عن حاجات الناس الفعلية، وربما أدى ذلك إلى اشتغالهم بفرضيات بعيدة عما عليه واقع الناس واحتياجهم، ولذا وجدنا من يحتد في نقد الفقهاء، لكنه يقصد بهم هؤلاء.

يقول مالك بن نبي (ت ١٣٩٣ هـ): (وفي هذه المرحلة أيضًا لا يهتم أحد بالمشكلات الواقعية كما كان يفعل أئمة الفقه الإسلامي، بل يكون الاهتمام منصبًا على مشكلات خيالية. على ما كان عليه فقهاء عصر الانحطاط، حيث لم يعودوا يكبون على المشكلات التي يثيرها نمو المجتمع، بل على حالات خيالية محضة؛ كالبحث في جنس الملائكة، أو كالتوضؤ من وطء البهيمة) (١).

ويقول محمد أسد (ت ١٩٩٢ م): (إن شريعة الإسلام ليست مقصورة على ما تحويه بطون كتب الفقه المطولة التي شغلت نفسها بتفاصيل التفاصيل، وليست هي موضوعًا لخطب الجمعة فحسب، ولكنها منهاج حي يدفع بموكب الحياة البشرية إلى الأمام) (٢). والخبير بطبقات الفقهاء وأخبارهم ممن تدور عليهم رحي الفقه في كل زمان، يعلم أن هذه المسائل المذكورة وأضرابها لم تكن من شواغلهم يومًا ما، بل لقد كانوا معايشين


(١) ميلاد مجتمع (٤٠).
(٢) منهج الإسلام في الحكم (١٧٣).

<<  <   >  >>