للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فالمراد أن شرط الفقيه شرط صعب لا يتحصل لأي أحد، ولو جرى الالتزام بهذا الاشتراط لما تولى الخطط الدينية إلا الأكفاء المؤهلين لها، غير أن من الفقهاء من تساهل واسترسل مع أحوال الضعف العامة التي تمر بها الأمة.

قال السعد التفتازاني (ت ٧٩١ هـ): (ظاهر كلام القوم أنّه لا يتصوّر فقيه غير مجتهد ولا مجتهد غير فقيه على الإطلاق. نعم لو اشتُرط في الفقه التهيؤ لجميع الأحكام وجُوِّز في مسألة دون مسألة تَحَقَّق مجتهدٌ ليس بفقيه. هذا وقد شاع اطلاق الفقيه على من يعلم الفنّ وإن لم يكن مجتهدًا) (١)، وقال ولي الله الدهلوي (ت ١١٧٦ هـ): (فكان لا يتولى القضاء ولا الإفتاء إلا مجتهد، ولا يسمى الفقيه إلا مجتهدًا) (٢).

ومع هذا فإن التشدد في شرط الفقيه له أثره الكبير في تحسن وظائفه. يقول الشيخ محمد أبو زهرة (ت ١٣٩٤ هـ): (ومن المقرر الثابت الذي يلاحظه الدارسون لتاريخ الفقه أنه كلما شُدِّد في شروط الإفتاء في مذهب ومنعه من غير القادرين، كان ذلك سبيلًا لتنمية المذهب وتوجيه فروعه إلى النواحي المنتجة في الحياة، فإذا كانت الروح العامة في مذهب من المذاهب لا تسوغ الإفتاء والتخريج والاجتهاد فيه إلا لمن بلغ درجة الاجتهاد


(١) حاشية التفتازاني على شرح العضد (٣/ ٥٧٩).
(٢) حجة الله البالغة (١/ ٢٦١).

<<  <   >  >>