للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

المطلق، كانت الفتوى مجدية على المذهب، فتنميه وتغذيه وتعطيه أرسالًا من الأحكام الجديدة الحية المستمدة من روح الشرع الإسلامي ومقاصده وغايته، ومن قانون الحياة المستمر في تغيير أطواره وتقلب أحواله، حتى ينتهي إلى النهاية التي قدرها مكون الأكوان ورب السماوات والأرض) (١).

بل إن التشدد في شرط الفقيه له أثره الكبير في رفع مستوى التعليم والتأليف الفقهي، ومن ثم إصلاح الشأن الفقهي العام، وقد قرر أهل العلم أن جملةً من فساد التآليف الفقهية يحصل عندما يتصدى لها حامل الفقه غير الفقيه. فحامل الفقه كثيرًا ما يخطئ في تحقيق نسبة الأقوال والأدلة لاشتغال نظره بالجزئيات عن إدراك الكليات والمعاني العامة التي تتعلق بها أنظار الفقهاء الكبار. ومن المعلوم أن الأئمة الفقهاء لا يصدرون إلا عن قواعد وأصول تؤلف نظامًا متسقًا متناسقًا؛ لأن الشريعة متسقة منتظمة فلا بد أن تكون مناهج الاجتهاد فيها كذلك، وما خرج عن ذلك فليس بفقه.

قال الإمام القرافي (ت ٦٨٤ هـ): (المقدمة الثانية: فيما يتعين أن يكون على خاطر الفقيه من أصول الفقه وقواعد الشرع واصطلاحات العلماء، حتى تخرَّج الفروع على القواعد والأصول، فإن كل فقه لم يخرَّج على القواعد فليس بشيء) (٢).


(١) ابن حنبل، أبو زهرة (٣٢٧).
(٢) الذخيرة (١/ ٥٥).

<<  <   >  >>