للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وأن يحفزوا الهمم, ويشدوا العزم, وينطلقوا متفانين باذلين كل أوقاتهم وأموالهم لا بعضها فقط, فهم ممن يفترض أنهم باعوا أنفسهم وأموالهم لله شراءً لجنته,

وأن يشحوا بأوقاتهم وأموالهم بأن تضيع في غير ما يخدم الدين ويساهم في تقريب النصر, ... لأنهم قد باعوا حياتهم لله فهي ليست لهم!! ,

وألا يدعوا أي فرصة فيها خدمة للدعوة إلا واستغلوها أحسن استغلال, ولو كانت فرصة صغيرة أو عارضة (١) ,

وأن يضحوا براحتهم في سبيل نصر الدين والعمل له, ليبزغ بإذن الله

فجر العزة والسؤدد الذي طال انتظاره.

وليكونوا كما قيل:

نبي الهدى قد جفونا الكرى ... وعفنا الشهي من المطعم

نهضنا إلى الله نجلو السرى ... بروعة قرآنه المنزل

(٢)

وأن يجددوا العهد إن ضعف العزم:

جدد العهد وجنبني الكلام ... إنما الإسلام دين العاملين

وانشر الحق ولا تخش الظلام ... فبصدق العزم يعلو كل دين

(٣)

يقول أحد الدعاة متحدثا عن الدرجة التي ينبغي أن نكون عليها في حماسنا

لديننا ودعوتنا:


(١) لقد سمعت من أحد الدعاة كلمة عظيمة في معناها أتمنى أن نتمثلها جميعاً, وهي: (أن واقع أمتنا!! يقتضي أن يكون كل داعية مثل الجهاز المتعدد الأغراض) يقصد أن يعمل للدعوة في كل اتجاه, ولا يقول مثلا: أنا داعية كبير مشغول فليس من مهامي (إذا أمكنني وتيسر ذلك) أن أوزع شريطاً, أو أضع كتيبات في أماكن الإنتظار!!! , أو ألقي كلمة وعظية عابرة في مسجد أو مجلس!! , أو أن أنكر منكراً أراه أمامي, أو أن أعظ وأنصح شباباً مجتمعين على رصيف, أو أن أُنسق لحلقة ذكرٍ للأقارب أو الجيران, أو أن أعلق إعلان محاضرة أو ورقة نافعة,.. وغير ذلك, ولا تعارض بين هذه الكلمة وموضوع التخصص الذي تحتاجه الدعوة في بعض مجالاتها, اللهم إلا إذا كان وقته وظروفه بالفعل نظرا لتخصصه وانشغاله لا تسمح له ولو بشيء من ذلك, ... ولكن في أحيانٍ كثيرة -عند البعض- ليس التخصص أو الإنشغال السبب, ولكنه نسيان الواجب, وضعف إدراك الأجر والفائدة, وضعف في الهمة وكسل, وضعف في الشعور والتألم لجراح الأمة التي تدفع المستشعر لها حقا أن يبادر بكل وبِأَي شيء لتضميدها وإيقاف نزفها,.. وقد يكون ضعف صدق الإخلاص ودخول الشوائب فيه سبب عدم اجتهاد بعضنا في أعمال دعوية غير التي نقوم بها عادة وتألفها وتحبها!!! أنفسنا!!. ومما يُحزن أننا نرى حتى الآن!!! العديد من الدعاة ممن يبخل على الدعوة بماله, أو يكون حرصه على دنيا يصيبها أو مال يحصل عليه أعظم من حرصه على الدعوة، ... وتأثره وقهره لما يفقده في الدنيا أعظم من تأثره إذا قصر في الدعوة والبذل من أجلها, أو إذا ضاعت عليه فرصة كان من الممكن أن يخدم الدعوة فيها بكلمة أو عمل معين ولو كان صغيرا, أو إذا فوت (أو أخر!!) أي شيء متعلق بها, ... وكأنه لا يستشعر - وهو الداعية العارف بواقع الأمة وآلامها- أن تأخره وضعفه في همته الدعوية يعني تأخر نصر الإسلام ويعني!! تأخير إنقاذ أبناء أمتنا المذبحين في كل مكان. وأصبح أداء العديد من الدعاة لواجب الدعوة تشوبه (الروتينية!) والبرود! والفتور ويفتقد الحرارة والحماس والهمة العالية, والتألم والحرقة على الواقع, والحرص والغيرة الشديدة على أن لا يفوت عليه أي شيء فيه فائدة للدعوة ولو كان من غير المجالات التي يهتم بها هذا الداعية عادة. ومتى لم نبلغ الدرجة اللازمة في حرصنا وهمتنا وبذلنا وتضحيتنا فلنعلم أن نصر الإسلام سيتأخر كما وُضِّحَ ذلك في الكلمة المؤثرة لأحد الدعاة والتي ستُذكَر في آخر هذا المقال. وحقاً ما قيل من أن جهود الدعاة والأخيار في الدعوة بشكل عام تعتبر قليلة مقارنةً بأعدادهم.
(٢) - شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث: حسني جرار، وأحمد الجدع، من قصيدة الكتائب لعبد الحكيم عابدين، ص ٤٠.
(٣) شعراء الدعوة الإسلامية في العصر الحديث: أحمد الجدع وحسني جرار الجزء الرابع, من قصيدة (نداء القرآن) للشاعر أحمد حسن القضاة, ص ١٠٦

<<  <   >  >>