للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وبهذا تكون أدوات البحث عن الحكمة إثارة السؤال والمناقشة والجدل ووضع الفروض بحسب الاعتقاد، ومن أي شخص كان، وهذا مرفوض لعدم اتفاقه مع العلم الصحيح لأسباب عدة، منها ما يلي:

أولاً: أنه لا يفرق بين بحث العالم والجاهل، قال تعالى: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ} ١.

ثانياً: هذا يترك للجاهل المجال في البحث عن الحكمة دون استعداد مسبق بسلاح العلم.

ثالثاً: أنّ هذا مدعاة إلى الجنوح في الخيال والتأمل وإثارة أسئلة لا يمكن لحواسنا أن تدرك أو تتوصل إلى الإجابة عنها مثل: “الأسئلة في الروح” وقد يؤدي ذلك بالإنسان إلى الضياع، ومن الخيال ما يقتل ويهدر الوقت والجهد. قال تعالى: {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً} ٢.

رابعاً: هذا يترك المجال للجاهل أن يبني أسئلة على الفروض النابعة من اعتقاده، واعتقاد الجاهل إلى الخطأ أقرب، وعن الصواب أبعد.

وبالرغم من هذا الاختلاف إلا أن هناك من يؤيد هذه التعريفات، فيقول أحدهم: “أخذ الناس ينظرون إلى الفلسفة على أنها المنظم المستمر من جانب الرجل العادي، والرجل المتعلم لكي يجعل من الحياة شيئاً له معنى، ويقوم الذكاء بتوجيهه كلما أمكن، وأن هذا المفهوم للفلسفة يحظى باعتراف بين معظم طبقات الشعب، وأن هذا التعريف يوضح ماهية الفلسفة ووظيفتها بصفة عامة من وجهة نظرنا” ٣. ويضيف بأن الفلسفة نشاط عقلي يرمي إلى فحص نقدي


١ سورة الزمر، آية رقم (٩) .
٢ سورة الإسراء، آية رقم (٨٥) .
٣ محمد لبيب النجيحي، مقدمة في فلسفة التربية، الطبعة الثانية، مكتبة الانجلو المصرية، القاهرة، عام١٩٦٧، ص (٢٣) .

<<  <   >  >>