الثاني: أن القاعدة غير محتملة، لاستنادها إلى الأدلة القطعية. وقضايا الأعيان محتملة لإمكان أن تكون على غير ظاهرها، أو على ظاهرها وهي مقتطعة ومستثناة من ذلك الأصل. فلا يمكن والحالة هذه إبطال كلية القاعدة بما هذا شأنه.
والثالث: أن قضايا الأعيان جزئية. والقواعد المطردة كليات. ولا تنهض الجزئيات أن تنقض الكليات. ولذلك تبقى أحكام الكليات جارية في الجزئيات وإن لم يظهر فيها معنى الكليات على الخصوص، كما في المسألة السفرية بالنسبة إلى الملك المترف، وكما في الغنى بالنسبة إلى مالك النصاب والنصاب لا يغنيه على الخصوص، وبالضد في مالك غير النصاب وهو به غنى.
والرابع: أنها لو عارضتها فإما أن يعملا معاً، أو يهملا، أو يعمل بأحدهما دون الآخر. أعني في محل المعارضة: فإعمالهما معاً باطل وكذلك إهمالهما، لأنه إعمال للمعارضة فيما بين الظني والقطعي. وإعمال الجزئي دون الكلي ترجيح له على الكلي، وهو خلاف القاعدة، فلم يبق إلا الوجه الرابع وهو إعمال الكلي دون الجزئي وهو المطلوب" (١) اهـ.
ويقول في نفس المعنى: "... لأن الأمر الكلي إذا ثبت فتخلَّف بعض الجزئيات عن مقتضى الكلي لا يخرجه عن كونه كلياً. وأيضاً فإن الغالب الأكثري معتبر في الشريعة اعتبار العام القطعي، لأن المتخلفات الجزئية لا ينتظم منها كلي يعارض هذا الكلي الثابت. إلى قوله:
(١) "الموافقات" جـ٣ ص ٢٦١، ٢٦٢ المسألة الأولى كتاب العموم والخصوص.