للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثم يقول: "وقد نقل هذا التفريق بينهما عن كثير من السلف: منهم قتادة وداود ابن أبي هند وأبو جعفر الباقر والزهري وحماد بن زيد وابن مهدي وشريك وابن أبي ذئب وأحمد بن حنبل وأبو خيثمة ويحيى بن معين وغيرهم.. وبهذا التفصيل الذي ذكرناه يزول الاختلاف فيقال: إذا أفرد كل من الإسلام والإيمان بالذكر فلا فرق بينهما حينئذ، وإن قرن بين الاسمين كان بينهما فرق. والتحقيق في الفرق بينهما أن الإيمان هو تصديق القلب وإقراره ومعرفته، والإسلام هو استسلام العبد لله وخضوعه وانقياده له" (١) .

ويقول ابن تيمية: " ... فلهذا فسَّر النبي صلى الله عليه وسلم الإيمان بإيمان القلب وبخضوعه وهو الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله، وفسَّر الإسلام باستسلام مخصوص هو المباني الخمس وهكذا في سائر كلامه صلى الله عليه وسلم يفسَّر الإيمان بذلك النوع ويفسَّر الإسلام بهذا" (٢) .

ويقول: "وأما إذا قرن الإيمان بالإسلام، فإن الإيمان في القلب والإسلام ظاهر" (٣) .

فما ذكرناه هو حاصل الأمر في هذا الموضوع، وبه يرفع الخلاف - كما قال ابن رجب - بالجمع بين أطراف الأدلة كلها، كما هو معلوم من أصول النظر عند أهل السُّنَّة في تناولهم للنصوص.

ثم إن "الدين" هو جماع ذلك كله. يقول شارح الفقه الأكبر: " (والدين اسم واقع على الإيمان والإسلام والشرائع كلها) أي الأحكام جميعها، والمعنى أن الدين إذا أطلق فالمراد به التصديق والإقرار وقبول الأحكام للأنبياء عليهم الصلاة والسلام" (٤) .


(١) جامع العلوم لابن رجب ص٢٦.
(٢) الإيمان لابن تيمية ص٢٢٤.
(٣) مجموع الفتاوى لابن تيمية جـ٧ص٥٥٣.
(٤) شرح الفقه الأكبر لملا على القارى ص٧٣.

<<  <   >  >>