للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ويقول البغوي في شرح السُّنَّة: "قد جعل النبي صلى الله عليه وسلم الإسلام اسماً لما ظهر من الأعمال، وجعل الإيمان اسماً لما بطن من الاعتقاد، وليس ذلك لأن الأعمال ليست من الإيمان، أو التصديق بالقلب ليس من الإسلام بل ذلك تفصيل لجملة هي كلها شئ واحد وجماعها الدين" (١) .

وما ذكره البغوي هو أحسن تفسير لهذا الأمر، فإن هذا التقسيم اصطلاحي فقط، أما من ناحية الحقيقة فإن الإيمان لا يوجد إلا بالإسلام، كما أن الإسلام لا يظهر إلا بالإيمان، وإخبات القلب لازمه العمل، كما أن العمل ينبئ عن التزام القلب وإخباته.. وذلك لصحة التلازم بين الظاهر والباطن كما هو مقرر في الأصول (٢) .

يقول ابن تيمية: "وبهذا يظهر خطأ جهم ومن اتبعه في زعمهم أن مجرد إيمان بدون الإيمان الظاهر ينفع في الآخرة، فإن هذا ممتنع، إذ لا يحصل الإيمان التام (٣) في القلب إلا ويحصل في الظاهر موجبه بحسب القدرة، فإن من الممتنع أن يحب الإنسان غيره حباً جازماً، وهو قادر على مواصلته ولا يحصل منه حركة ظاهرة إلى ذلك" (٤) .

ويقول شارح الفقه الأكبر " (ولكن لا يكون) أي لا يوجد في اعتبار الشريعة (إيمان بلا إسلام) أي انقياد باطن بلا انقياد ظاهري" (٥) .


(١) عن ابن تيمية في "الإيمان" ص٣١١.
(٢) الموافقات للشاطبي جـ١ المسألة العاشرة.
(٣) والإيمان التام هنا هو الذي ينجو به صاحبه من الخلود في النار، وليس هو الإيمان الكامل أو "الإيمان الواجب كما قد يوهم اللفظ لقول ابن تيمية في شرح معناه "مقدم الشهادتين مع القدرة مستلزم انتفاء الإيمان القلبي التام" الإيمان الأوسط ص٩٥ ومعلوم أن تارك الشهادتين كافر بإجماع، فإنتفاء إيمان القلب التام مستلزم الكفر.
(٤) مجموع الفتاوى لابن تيمية جـ٧ص٥٥٣.
(٥) شرح الفقه الأكبر ص ٧٢.

<<  <   >  >>