للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منها ما رواه الطبري عن ابن عمر قال: كنا معشر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا نشك في قاتل النفس، وآكل مال اليتيم، وشاهد الزور، وقاطع الرحم حتى نزلت: (إن الله لا يغفر أن يشرك به) فأمسكنا عن الشهادة (١) .

فهؤلاء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فهموا أن الشرك هو خلاف هذه الأمور كلها، ولا يقال المقصود هو القتل الخطأ – ليس العمد – لأن الخطأ مرفوع أصلاً عن المكلفين بشرط التوبة بعد العلم بالخطأ.

قال تعالى: (وإذا جاءك الذين يؤمنون بآياتنا فقل سلام عليكم، كتب ربكم على نفسه الرحمة أنه من عمل منكم سوءاً بجهالة ثم تاب من بعده وأصلح فإنه غفور رحيم) .

قال القرطبي: "أي خطيئة من غير قصد" (٢) .

فالخطأ والعمد في هذا يستويان أن من تاب رفعت عنه عقوبة الآخرة، فلا موجب إذن لتخصيص أحدهما في قول عمر دون الآخر.

(أ) وقد نقل الطبري هذا المعنى عن أبي مجاز وأبي صالح.

قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم قال حدثنا ابن عليه، عن سليمان التيمي عن أبي مجاز في قوله: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم) قال: هو جزاؤه، وإن شاء تجاوز عنه.

وعن أبي صالح قال: جزاؤه جهنم إن جازاه (٣) .

وقيل بشرط التوبة والندم، فهو معفو عنه، ونقل هذا عن مجاهد وغيره.

وقد ورد عن ابن عباس آثار تدل على أنه لا توبة للقاتل، إلا أن ذلك كان فتوى منه لرجل بعينه خوفاً من قتله لآخر، كما ورد في القرطبي، قال:

أخبرنا أبو مالك الأشجعي عن سعد بن عبيدة قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: ألمن قتل مؤمناً متعمداً توبة؟

قال: لا، إلا النار.


(١) "الطبري" جـ٥ ص ١٢٦.
(٢) "القرطبي" جـ٦ ص ٤٣٥.
(٣) "الطبري" جـ٥ ص ٢١٧ وبعدها.

<<  <   >  >>